responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرسائل الأدبية المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 264
وموضع أنسك، ومستنبط لذّتك، وينبوع سرورك، ومصباحك في الظّلام، وشعارك من جميع الأقسام.
وكيف وقد جمع أهبة الجلال، ورشاقة الخلال، ووقار البهاء، وشرف الخير، وعزّ المجاهرة ولذّة الاختلاس، وحلاوة الدّبيب.
[6- النبيذ يطرد الهم ويعيد الشباب]
وسأصف لك شرف النبيذ في نفسه، وفضيلته على غيره، ثم أصف فضل شرابك على سائر الأشربة، كما أصف فضل النّبيذ على سائر الأنبذة؛ لأنّ النبيذ إذا تمشّى في عظامك، والتبس بأجزائك، ودبّ في جنانك، منحك صدق الحسّ، وفراغ النفس، وجعلك رخيّ البال، خليّ الذّرع، قليل الشّواغل، قرير العين، واسع الصّدر، فسيح الهمم حسن الظنّ. ثم سدّ عليك أبواب التّهم، وحسّن دونك الظّنّ وخواطر الفهم، وكفاك مؤونة الحراسة، وألم الشّفقة، وخوف الحدثان، وذلّ الطمع وكدّ الطلب، وكلّ ما اعترض على السّرور وأفسد اللّذّة، وقاسم الشهوة، وأخلّ بالنعمة.
وهو الذي يردّ الشّيوخ في طبائع الشّبان، ويردّ الشّبّان في نشاط الصّبيان، وليس يخاف شاربه إلّا مجاوزة السّرور إلى الأشر، ومجاوزة الأشر إلى البطر.
[7- النبيذ يبعث على الظرف والضحك في كل وقت]
ولو لم يكن من أياديه ومننه، ومن جميل آلائه ونعمه، إلّا أنّك ما دمت تمزجه بروحك، وتزاوج بينه وبين دمك فقد أعفاك من الجد ونصبه، وحبّب إليك المزاح والفكاهة، وبغّض إليك الاستقصاء والمحاولة، وأزال عنك تعقّد الحشمة وكدّ المروءة، وصار يومه جمالا لأيّام الفكرة، وتسهيلا لمعاودة الرّويّة، لكان في ذلك ما يوجب الشّكر، ويطيب الذكر. مع أنّ جميع ما

اسم الکتاب : الرسائل الأدبية المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 264
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست